البحث في جذوراللغة الكردية
ضمن محاولاتي للبحث في اصول اللغة الكردية، وجدت انه من واجبي تجاه ارضي وارض امي ان اوثق ما قرأت عن اصل لغة اجدادي الذين عانوا محاولات طمس وتشويه هوية ترجع اصولها الى ما قبل التاريخ الحديث.
وايضا لكي يتعرف القارئ الكريم على جذور لغته الاصيلة ويميز بين ما ينشر في بعض المقالات والكتب من كلام سطحي خالي من البحث والتقصي فينسب اللغة الكردية على كونها فرع من فروع اللغة الفارسية ذات اصول الهندواوربيةوهذا ما لمسته من بعض الاكراد انفسهم في محاولات ارجاع اصول لغتهم الى اصول فارسية.
وقبل البدء هنا لابد من الاشارة الى اهمية واصالة مصادر مثل (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان من اقدم العصور التاريخية حتى الان) لمؤلفه العلامة الاستاذ محمد امين زكي -كتاب شذرات ثقافية من قلعة قائمة في السماء (ئاميدي- العمادية) و (ئاميدي – العمادية) اثار وتاريخ للكاتب الاستاذ الدكتور طارق باشا العمادي وكتاب تاريخ الكرد في الحضارة الإسلامية لمؤلفه الاستاذ احمد محمود خليل
هذه الكتب بالاضافة الى مصادر اخرى اطلعت عليها تظهر مدى امانة ودقة وتفاني المؤلف في البحث الاصيل عن جذور هذه اللغة.
وقبل البدء هنا قد يتساءل القارئ الكريم عن سبب هذا اللقب الطويل للكاتبة وغرابته. الحقيقة هنا انني اضفت الى لقبي (الهاشمي) الذي ورثته عن والدي العالم الدكتور وسام الهاشمي ذو الاصول العربية لقب والدتي (باشا العمادي) ذو الاصول الكردية من مدينة عمادية الجميله في كردستان العراق، هذا التنوع بالقومية اعطاني حرية اكبر ومجال اكثر للبحث والتقصي بدون تمييز او تحيز لمعرفة اصل وحضارة كلا الطرفين.
ما احاول كتابته هنا في هذا المقال هو خلاصة بسيطة لقراءاتي حول هذا الموضوع ولا ادعي انه بحث متكامل بل هومجردخلاصة لما وجدته في بعض الدراسات الجديرة بالاطلاع اضعها بين يدي القارئ لأفتح طريقا لبعض المهتمين والمختصين باللغة الكردية واصولها للبحث والتقصي والتعمق بصورة اكثر تفصيلا.
فلأصول اللغة الكردية عدة اراء ودراسات، فالبعض يؤكد على ان اللغة الكردية هي اقدم من اللغة الفارسية. فهي لغة مستقلة تماما عن الفارسية وليست لغة مشتقة او محرفة منها. وهذا ما اكده السيد سدني سمث في كتابه (تاريخ آشور).وفي مقالة نشرت في لندن سنة 1930 في مجلة (جمعية اسيا الوسطى) يذكر فيها الخبير في تاريخ الكورد السيد ادموني ان اللغة الكردية هي لغة آرية نقية اصيلة وقديمة لها تطوراتها عبر التاريخ، وايضا ما ذكره الاستاذ محمد زكي امين نقلا عن ما جاء في كتابات الجغرافي اليوناني استرابون ان الفرس والميدين كان بعضهم يفهم لغة بعض وهذا يعني ان اللغة الميدية (الكردية) كانت تختلف عن اللغة الفارسية.
وقد يخفى على البعض ان الاكراد هم احفاد الميديين وهذا ما ذكره السير ويلسن في كتابه واوضح ان لغتهم هي احدى لغات اسيا الغربية.
فاللغة الكردية هي نفس اللغة التي ظهرت بها الديانة الزرادشتية وكتابها المقدس (زند – اﭬيستا) ومعناه قانون وتغيير او الأساس والبناء القوي.
هذه الديانة التي دعى نبيها زرادشت الذي ولد حوالي 599 ق.م. في ميديا، الى عبادة اله واحد التي كانت اهم اسسها تقديس العناصر الاربعة (الهواء، الماء، النار، التراب) ويذكر العلامة محمد زكي امين والاستاذ الدكتور طارق العمادي ان لغة الكتاب المقدس هي اللغة البهلونية/الفهلوية لغة اﭬيستا/الآبستاق القريبة الى اللهجة الموكرية اي اللغة الميدية سابقا والكردية حاليا.
وفي صدد اللغة البهلوية/الفهلوية يصف ابن حوقل انها كانت لغة ايران قديما الى ان حلت محلها اللغة الفارسية وبدأ جميع أهلها يتكلمون الفارسية.
اما رجال الدين فقد استمروا بتدوين الوقائع التاريخية باللغة البهلوية التي لم يفهمها احد من الاهالي. بينما اللغة العربية انذاك كانت تستعمل فقط لكتابة الوثائق والمعاملات الرسمية.
وهنا يؤكد الدكتور طارق في (كتابه شذرات من قلعة قائمة في السماء: ئاميدي – العمادية) ان اللغة الكردية هي اكثر اللغات التي تعرضت للتهميش والتشتيت على مر السنين ليس فقط من قبل الاعداء بل من قبل ابناءها ايضا. فهذا الكتاب (اﭬيستاAvesta-) الذي اتخذه الكثير من الاقوام كالفرس والهندوس كتابا مقدسا لهم وقاعدة لتاسيس امبراطورياتهم تركه الاكراد وهجروا لغته فاتخذت لغة افيستا بالتشتت والاختفاء تدريجيا لتحل محلها لهجات مختلفة فاصبحت كل مدينة وحتىقرية لها لهجة خاصة بها. ومع مرور الزمن وبتكرار الغزوات على هذا الشعب واجبار السكان الاصليين على نسيان لغتهم وتراثهم فقد الكورد اهم سلاح لهم وهو القلم فلم تزدهر الكتابة واللغة وما بقي فقط اللغة الكلامية فاصبح كما يذكر الدكتورطارق في كردستان العظمى من ينطق لهجات متعددة كالزازية وفروعها في الشمال والكرمانجية وفروعها في الوسط والسورانية والفيلية والهورامية في الجنوب.
والجهد هنا يقع على عاتق اللغويين لتوحيد لغة يفهمها الاكراد، لغة تجمع هذا الشعب المتشتت في كافة انحاء الارض رغم اختلاف اجناسهم ودولهم، لغة توحدهم.
هذه المقالة منشورة على موقع صوت كوردستان.. اضغط هنا للمشاهدة