منارة اربيل.. المنارة المظفرية.. تشكو حزنها لفرح ابنة بغداد والعمادية!
في زيارتي القصيرة الطويلة التي كان من المفترض ان ابقى فيها لمدة عشرة أيام امتدت بحب لما يقارب الشهر. وجدت فيها وفي ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن وجها مشرقا جديدا من وجوه كردستان الحبيبة… الا وهو الغنى والارث الحضاري الذي تزخر به هذه الآرض، كنوزها الدفينة المتبقية تحت الأرض والباحثة عن منقب لها لاخراجها خائفة هي من ان تندثر تحت البنيان وتختفي كما اختفى السابقون. وانا وفي اثناء تواجدي بالقلعة وتحديدا بالجهة الجنوبية المطلة على قيصريات أربيل والساحة وقفت لالتقاط صور لاماكن مختلفة تحت القلعة واذا بي التفت لجهة المنارة لالتقاط صورة جميلة لافاجئ ببنيان ضخم ما زال قيد الانشاء. هذا البناء الذي شدني لحظة وصولي لاربيل بضخامته وبساطته الجميلة اصبح وجوده في هذا الموقع كارثة للمنارة! وكانه خلفية او جدار يقع خلف المنارة مما اضعف هيمنتها ومحورها البصري. وانا وفي عمق حزني وانهماكي لتوثيق هذا الحدث المؤلم، واذا بي اسمع صوتا قادما من بعيد يناديني، صوت يملئه الحزن والالم، صوت يقول….... فرح……. فرح….. يا إبنة كردستان العراق، يا ابنة العمادية فرح ….اترين ماذا فعلوا بي يا بغدادية! اترين بعد ما كنت واخوتي (القلعة والبوابة الجنوبية الكبيره) في خيال المصورين وحديث الرحالة وكتابات المستشرقين من معالم أربيل المهمة والاصيله لسنين طويله فعلى مدى قرون عديده صورونا بجمال وغموض وهيبة وشموخ. وانا الان هنا حزينة اقف وحدي في نسيج المدينة تحيطني بيوت وازهار وارتفاعات ابنية واشجار يصورني المارة والمحبين باحتصار....اشتاق لايامي القديمة فرح.. اترين هذا البنيان ورائي !! يقف كجدار غدار، كسجن حاجز يحرمني النظر الى الأفق البعيد الآسار وضعوني هنا وحيدة تحيطني الخضرة والشوارع الرمادية الوليدة لا شيء لي تبقى هنا سوى امجادي التليدة فرح….. اشكو لك وليس لي هنا أي احد انقلي كلامي هذا لكل احد اخبريهم ان حسناء أربيل وحيدة حزينة هي ولا تنسون يا أهلها انها فريدة………………….. قلت لها وانا يعتصرني الألم منارة أربيل المظفرية الوحيدة ليس لي باليد حيلة منارة أربيل ستبقين انت فريدة آسفة ايتها الرائعة الجميلة سانقل ما قلتيه لي الى كل مكان واتكلم عن حسناء أربيل هنا وفي ذاك الزمان …….وحيدة فريدة عتيدة!
رحلت بعدها لانقل الأمانة.. وهنا بدأت فعلا في الحديث عنها في سمنار حضرته واقامه المعهد الفرنسي للشرق الأدنى) ولا ادري لماذا شرق ادنى!!) وبحضور جمع وفير ضم ممثلة اليونسكو، مدير دائرة آثار أربيل، مدير مركز صيانة آثار العراق ورؤساء واساتذه قسم الاثار والهندسة المعمارية لأربيل ومسؤولي الحفاظ عن القلعة….. وهنا تكلمت عن المشهد المؤلم الذي حدث للمنارة (والذي غفل عنه الجميع!!!). وطرحت سؤالا مهما لممثلة اليونسكو، عن وجود أي ضوابط بنائية تحدد التاثيرات السلبية على المنارة للحفاظ على أهميتها وتقوية محورها البصري فوجود هكذا ضوابط يمنع تسقيط مثل هكذا ابنية حديثة تعتبر مهمة لاربيل لكن موقعها كارثة للمنارة….. والامر هذا يمتد لاي معلم تاريخي مهم في اي مدينة. ولكي لا اطيل الكلام على القارئ الكريم ولنكون واقعيين ليس لنا باليد حيلة فالبناء ما زال مستمرا وقارب على الانتهاء. وهنا وانا وقلبي يعتصر الما وليس لي سوى القلم ….كتابات وكلمات لعلها تصل… لإنقاذ ما تبقى من تراث وتاريخ ملموس نحافظ عليه لتراه اجيالنا القادمة المشرقه الجديده.
هذه المقالة منشورة على شبكة رووداو... للاطلاع اضغط هنا، وعلى شبكة صوت كردستان... للاطلاع اضغط هنا